كتب آدم راسجون وإيزابيل كيرشنر أن مسؤولين ومحللين إسرائيليين أشاروا إلى أن الرغبة في الانتقام من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى الإحباط من جمود مفاوضات التهدئة في غزة، شكّلا الدافع وراء الضربة الإسرائيلية الأخيرة في الدوحة. وأوضحا أن إسرائيل، منذ ذلك الهجوم الذي أوقع مئات القتلى والأسرى، لاحقت قادة الحركة في لبنان وإيران وغزة عبر عمليات اغتيال متفرقة.

وبحسب النيويورك تايمز، ظلّت قطر لوقت طويل خارج معادلة الاستهداف الإسرائيلي. فهي دولة خليجية غنية تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتحافظ على علاقات غير رسمية مع إسرائيل، كما تضطلع بدور الوسيط في محاولات إنهاء الحرب في غزة. لكن المفاجأة وقعت عندما تجاهلت إسرائيل هذه الاعتبارات، وأرسلت مقاتلاتها لتضرب قلب العاصمة القطرية نهاراً وفي حي سكني محاط بالمدارس والسفارات، مستهدفة مبنى بلون برتقالي.

هذه الخطوة مثّلت تحولاً في قواعد اللعبة، إذ كسرت إسرائيل خطاً أحمر ارتبط بحساسية موقع قطر في التوازنات الإقليمية والدولية. التحليل الإسرائيلي الداخلي اعتبر أن العملية رسالة مزدوجة: أولاً إلى قيادة حماس بأن الملاذ القطري لم يعد آمناً، وثانياً إلى الوسطاء الدوليين بأن صبر تل أبيب على مسار التهدئة نفد.

كما أظهرت الضربة استعداد إسرائيل للمخاطرة بتعقيد علاقاتها مع واشنطن والدوحة، رغم اعتمادها على القاعدة الأمريكية في العديد من عملياتها العسكرية والاستخباراتية. مراقبون رجّحوا أن الهجوم يفتح الباب أمام توتر غير مسبوق في علاقات إسرائيل مع دول الخليج التي كانت تسعى واشنطن لتوسيعها عبر مسار التطبيع.

المشهد في الدوحة، حيث تصاعد الدخان من الانفجار وانتشرت الصور على وسائل التواصل الاجتماعي، عكس حجم المفاجأة. سكان الحي وصفوا الصدمة من وقوع الهجوم في وضح النهار، بينما سارعت حماس للتأكيد أن قادتها يواصلون عملهم رغم محاولة الاغتيال.

في الخلفية، استمرت الشكوك حول مستقبل المفاوضات. إذ رأى محللون أن استهداف قيادة الحركة في لحظة كان يُفترض أن تبحث فيها مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار، يعكس رغبة إسرائيلية في تقويض فرص الحل السياسي وإبقاء زمام المبادرة بيدها عسكرياً.

كما تساءل خبراء عن تأثير الضربة على الدور الأمريكي نفسه، فواشنطن التي اعتمدت على الدوحة كوسيط رئيسي وجدت نفسها أمام مشهد يهز مصداقية جهودها الدبلوماسية، خصوصاً مع اقتراب موعد استحقاقات سياسية داخلية أمريكية وإسرائيلية تجعل القرارات أكثر حساسية.

ورغم أن القيادة القطرية لم تُعلن انسحابها من الوساطة، فإن هذه الحادثة وضعت حدوداً جديدة لقدرتها على إدارة الحوار بين تل أبيب وحماس، وألقت بظلال ثقيلة على فرص أي تسوية قريبة. وبذلك، بدا أن الهجوم لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل رسالة سياسية كبرى قد تعيد رسم خريطة التفاعلات الإقليمية في المرحلة المقبلة.

https://www.nytimes.com/2025/09/11/world/middleeast/israel-attack-qatar-hamas.html